قال الحافظ في الفتح :
قوله ( وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج )
أي لا ضيق عليكم في الحديث عنهم لأنه كان تقدم منه صلى الله عليه وسلم الزجر عن الأخذ عنهم والنظر في كتبهم ثم حصل التوسع في ذلك .
وكأن النهي وقع قبل استقرار الأحكام الإسلامية والقواعد الدينية خشية الفتنة , ثم لما زال المحذور وقع الإذن في ذلك لما في سماع الأخبار التي كانت في زمانهم من الاعتبار .
وقيل : معنى قوله " لا حرج " : لا تضيق صدوركم بما تسمعونه عنهم من الأعاجيب فإن ذلك وقع لهم كثيرا , وقيل : لا حرج في أن لا تحدثوا عنهم لأن قوله أولا : " حدثوا " صيغة أمر تقتضي الوجوب فأشار إلى عدم الوجوب وأن الأمر فيه للإباحة بقوله :
" ولا حرج " أي في ترك التحديث عنهم .
وقيل : المراد رفع الحرج عن حاكي ذلك لما في أخبارهم من الألفاظ الشنيعة نحو قولهم ( اذهب أنت وربك فقاتلا ) وقولهم : ( اجعل لنا إلها ) .
وقيل : المراد ببني إسرائيل أولاد إسرائيل نفسه وهم أولاد يعقوب , والمراد حدثوا عنهم بقصتهم مع أخيهم يوسف , وهذا أبعد الأوجه .
وقال مالك: المراد جواز التحدث عنهم بما كان من أمر حسن , أما ما علم كذبه فلا .
وقيل : المعنى حدثوا عنهم بمثل ما ورد في القرآن والحديث الصحيح . وقيل : المراد جواز التحدث عنهم بأي صورة وقعت من انقطاع أو بلاغ لتعذر الاتصال في التحدث عنهم , بخلاف الأحكام الإسلامية فإن الأصل في التحدث بها الاتصال , ولا يتعذر ذلك لقرب العهد .
وقال الشافعي : من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجيز التحدث بالكذب , فالمعنى حدثوا عن بني إسرائيل بما لا تعلمون كذبه , وأما ما تجوزونه فلا حرج عليكم في التحدث به عنهم وهو نظير قوله : " إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم " ولم يرد الإذن ولا المنع من التحدث بما يقطع بصدقه . اهـ
0 نقلا عن منتديات مشكاة الإسلامية )