الشاعر بسام بحري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتدى الأدب العربي
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» عازفة الكمان ( زيتي 50*40)
صراع الحضارات .. وحوارها .. Emptyالإثنين سبتمبر 17, 2012 10:06 am من طرف بسام بحري

» ابنـة حيــفا
صراع الحضارات .. وحوارها .. Emptyالأربعاء فبراير 15, 2012 7:24 am من طرف بسام بحري

» أطول الأنهار في العالم
صراع الحضارات .. وحوارها .. Emptyالخميس ديسمبر 08, 2011 9:32 am من طرف منذر الخاني

» متـــــــــــاهة..
صراع الحضارات .. وحوارها .. Emptyالأربعاء ديسمبر 07, 2011 10:23 am من طرف هبة نحاس

» قناديــل البنفسـج
صراع الحضارات .. وحوارها .. Emptyالإثنين نوفمبر 28, 2011 2:55 pm من طرف احمدعلي

» ربيـــــع اخـــــــــر...
صراع الحضارات .. وحوارها .. Emptyالسبت نوفمبر 26, 2011 11:27 am من طرف بسام بحري

» ابن خلدون - ضغط على النحاس
صراع الحضارات .. وحوارها .. Emptyالإثنين نوفمبر 21, 2011 2:55 pm من طرف عمار بحري

» راقصة باليه - ضغط على النحاس
صراع الحضارات .. وحوارها .. Emptyالإثنين نوفمبر 21, 2011 2:52 pm من طرف عمار بحري

» المناضل الشيخ صالح العلي - ضغط على النحاس
صراع الحضارات .. وحوارها .. Emptyالإثنين نوفمبر 21, 2011 2:47 pm من طرف عمار بحري

بدعم من منتدى فور جامعة

 

 صراع الحضارات .. وحوارها ..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ياسين علي محمد




عدد المساهمات : 1
تاريخ التسجيل : 26/11/2009

صراع الحضارات .. وحوارها .. Empty
مُساهمةموضوع: صراع الحضارات .. وحوارها ..   صراع الحضارات .. وحوارها .. Emptyالخميس نوفمبر 26, 2009 11:10 am

[b]بالرغم من كل ذلك الصخب والضجيج ، في وسائل الإعلام المختلفة حول مصطلح أو مفهوم صراع الحضارات ، إلا أن الكثير من الأمم والشعوب ، في أصقاع الأرض ، لم تتشكل لديهم القناعة ، بأن ذلك يمكن أن يلامس الواقع أو يمت إليه بصلة ، فتاريخ الإنسانية يؤكد بأن هناك حضارةً إنسانيةً واحدة فقط ، صبتْ فيها شعوب وأمم وأقاليم الدنيا ، على طول التاريخ ، أفضل ما توصلتْ إليه من رقي وتقدم .
التاريخ المكتوب يقول :
إن ما أنجزته الأمم والمجتمعات المتعددة ، من ثقافات وحضارات انتقل بالاختيار والرغبة ، وبالطلب الحر ، بعد الاقتناع بجدوى الاستخدام والمنفعة ، إلى المجتمعات الأخرى ، المحيطة بموطنه وهناك في الموطن الجديد ، أضافوا إليه ما أضافوا ، بما يناسب محيطهم ودرجةَ تطورهم ، لينتقل بعدها من جديد ، إلى مواطنَ أخرى ، ومن ثَم إلى آفاق أوسعَ وأبعد .. وهكذا مادام قد ثبت النفع منه .
إذن لم يحتج انتشار الثقافات والحضارات إلى صراع ، ولا إلى سلاح ، أو قوة تفرض ، كما يحدث الآن من أجل نشر الديمقراطية على الطريقة الأمريكية ، بل كانت الحاجة إلى الشراكة في الحضارة أساسها المنفعة ، فينتقل ما كان نافعاً ولازماً من مجتمع لآخر ، ومن إقليم إلى إقليم ، حتى يعمَ أصقاعَ الدنيا ، وينتشرَ بملء الحرية والإرادة .
منذ آلاف السنين ، عندما اكتشف الإنسان الزراعة ، في بلاد الرافدين ووادي النيل ، وتوصل إلى أسرارها ، وعرف أساليبها وقام بتطوير تلك الأساليب ، انتقلت تلك الثقافة بالاختيار ، وبحكم الحاجة إلى الجوار ، لم تحتج إلى إقناع ولا إلى صراع ، وبمرور الزمن أصبحت حضارةً إنسانيةً ، يملكها كل من يريد ويرغب .. يمارسها بما يناسبه من أساليبَ .. فهنا استخدم الفأس .. وهناك استخدم المحراث ، وهذا أتقن شقَ القنوات ، وذاك بنى السدودَ وخزّن الفائضَ من المياه ، واستمر ذلك بالتفاعل والتطور ، من أيام وزمان سد مأرب الشهير في اليمن ، وحتى يوم أمس ، عندما تم بناء سد الفرات في سوريا .
وعبر التاريخ الإنساني ، تكرر ما حدث في مجال حضارة وثقافة الزراعة ، ليشمل كافة مجالات الحياة ، من التجارة .. إلى الصناعة حتى وصل إلى تلك الثورة الهائلة ، في الاتصال والمواصلات التي حولت الكرةَ الأرضية ، إلى قرية صغيرة ، يستطيع بواسطتها من يسكن الغابة ، أن يتابع بالصوت والصورة والألوان والظلال ، لحظةً بلحظة ، حفل انتخاب ملكة جمال العالم ، أو أين تعشى الرئيس الأمريكي ، ومتى أوى إلى فراشه .
لم يقتصر انتقال الحضارة من مجتمع لآخر ، على انتقال أدواتها واستخدامها فقط ، إنما شمل التنظيمَ والإدارةَ والقوانينَ ، لكل من أراد ورغب في ذلك ، وكله بالتواصل والتفاعل ، والشراكة الحرة المفتوحة ، عندما توفرت إرادة الفعل ، والرغبة في الرقي والتقدم الذي تضمنته حضارة العلم ، التي هي الشراكة الحقيقية ، في محيط الحضارة الإنسانية ، فلا تحتاج إلى هوية وطنية ، ولا إلى جواز سفر ، حيث لم نسمع عن رياضيات فرنسية ، ولا كيمياء عربية إسلامية ، إنما سارت حضارة العلوم عبر التاريخ ، خطوةً إثر خطوة ، آخذةً من كل نبع ، ومن كل نهر ، حتى وصلت إلى ذلك المحيط الهائل ، الذي حافظ على عالميته ، مترفعاً عن كل الأجناس والأديان والأعراق ، فتحول إلى أساليب حياة ، يمارسها المجتمع الإنساني ، في كل يوم .
من خلال ما سبق ، تكون قد اكتملت الصورة ، أننا على هذا الكوكب أمام حضارة إنسانية واحدة ، شارك فيها الجميع ، أثراها القادرون على الفعل ، تعددت مواردها وتنوعت ، فتشكلت من العمق إلى السطح ، بجهود المجتمع الإنساني المشتركة بكاملها ، كل حسب قدرته ، وإمكانياته وطاقته .
وكما قال التاريخ كلمته عن الشراكة في الحضارة الإنسانية ، فإنه يعلمنا أيضاً ، أن الأقوى على مر العصور ، يحاول الاستيلاءَ على تلك الحضارة ، وتجييرَها إلى قوة بعينها ، كما حدث مع الكثير من الإمبراطوريات .
فكم قاست في القرن الماضي على حد زعمهما ، كل من بريطانيا وفرنسا ، المنتصرتين في الحرب العالمية الأولى ، في سبيل نشر الحضارة وإعمار البلدان ، التي كانت تخضع للسلطنة العثمانية المهزومة ، حيث رأت من واجبها نشرَ الحضارة ، كما تقوم الولايات المتحدة الأمريكية ، بنشر الديمقراطية في هذه الأيام .
بانتهاء الحرب العالمية الثانية ، بدأ نجم الإمبراطوريات القديمة بالأفول ، وبدأت الولايات المتحد الأمريكية ، بالتحضير لمشروعها الإمبراطوري ، وكانت العقبة الوحيدة أمامها ، على الجانب الآخر من الكرة الأرضية ، الاتحاد السوفييتي ، ففرضت مرحلة الحرب الباردة وصراع العقائد نفسها ، ولم نكن في تلك الأيام نسمع بحكاية صراع الحضارات .
ولكن بانهيار المعسكر الاشتراكي ، وخروج الولايات المتحدة منتصرةَ من الحرب الباردة ، من الطبيعي أن تشعر بأن عصرها قد جاء ، وأنها بحكم الحقائق ، قد أصبحت القوةَ الفائقةَ والأكبر على سطح الأرض ، لذلك يجب أن يخطر لها في هذا السياق ، أن مطالب السيطرة والصراع ، تقتضي ادعاء ملكيتها للحضارة ووراثتها فبرز مفهوم أو مصطلح صراع الحضارات إلى الوجود ، فكان ما قامت به ، لم يتجاوز ما ذكره ابن خلدون في مقدمته الشهيرة ، ولكن دون تنبه كاف منها ، أنها لم تستكمل الشروط الأربعة ، التي وضعها ابن خلدون ، حيث ذكر في مقدمته بما معناه :
أن الدولة تتحول تلقائياً إلى إمبراطورية ، إذا امتلكت شروطَ قيامها الأربعة ، وهي :
- القوة الاقتصادية .
- القوة العسكرية .
- القوة العلمية والمقدرة على تطويرها باستمرار .
- الأسباب المقنعة .. الموجبة والمنطقية ، التي تقدمها للشعوب والأمم ، التي جعلتها تتمدد خارج حدودها .
ولكن ماذا لو طبقنا ذلك على الولايات المتحدة الأمريكية ..؟ .
في الواقع لا أحدَ يستطيع أن ينكر ، أن الولايات المتحدة الأمريكية أقوى قوة اقتصادية في العالم .. وأقوى قوة عسكرية .. كما أنها أقوى قوة علمية ، قادرة على إنتاج التكنولوجيا وتطويرها .
ولكن ماذا عن الأسباب المقنعة ، التي عليها تقديمُها للمجتمع الدولي لاستساغة خروجها خارج حدودها ..؟ .
من أولى هذه الأسباب كما تدعي ، هو نشر الديمقراطية ومكافحة الإرهاب .
لقد أعلنت أن هذه الشعوب المظلومة ، والمحكومة بالقمع من قبل حكام ديكتاتوريين ، يعشش فيها الفقر .. بلغت درجةَ اليأس ، ففرّخت الحاقدين على الحضارة الإنسانية ، الذين تشبعوا بثقافة القتل والإرهاب ، والدليل على ذلك ما حدث لها في أيلول 2001 م .
إذن فالصراع ، صراع حضارات .. أو صراع ثقافات .
إن أبرز من صاغ الأطروحات الجديدة ، حول صراع أو صدام الحضارات ، هما المفكران الأمريكيان فرنسيس فوكوياما وصموئيل هنتيجتون ، لتقديم تبرير إيديولوجي ، لإشاعة وترسيخ الوضع الجديد الذي أعقب الحربَ الباردة ، والقائم على أساس القطبية الواحدة ، أي الهيمنة الأمريكية على العالم .
ففرنسيس فوكوياما يرى :
أن العالم يشهد انتصاراً كاملاً ، للرأسمالية والسوق الحرة ، ويعتبر أن هذه النتيجة تشبه إلى حدود كبيرة ، النتائجَ ذاتها ، التي يسفر عنها تطور العلوم الحديثة ، أي أن هناك ما يمكن تسميته (الرأسمالية العلمية ) الممثل للمبدأ الطبيعي ، الذي يمكن أن يدير الحياة الإنسانية على أسس علمية سليمة ، وفي ضوء ذلك أعلن (فوكوياما) في مقالاته وكتابه نهاية التاريخ ، تحول العالم بأسره ، إلى كيان خاضع للقوانين الواحدية المادية ، التي تجسدها الحضارة الغربية .
كما يطرح هينتجتون عدة قضايا ، في إطار أطروحته القائلة (بصدام الحضارات) ومنها:
تصاعد الصراع بين الحضارات ، وتراجع دور الدولة القومية ودخول الحضارات غير الغربية ، كعناصرَ فاعلة في صياغة التاريخ فالغرب لم يعد هو القوةَ الوحيدةَ في هذه العملية ، الأمر الذي أدى إلى نشوء الصراع بينه وبين الآخرين .
والواقع أنه عندما خرجت الإمبراطورية الأمريكية ، منتصرةً في صراع الحرب الباردة ، فإنها رسمت لإستراتيجية زمانها الجديد عدة خطوط :
- فهي تريد أن تحتفظ بتقدمها ، وتمنع ظهور من ينافسها كما حدث مع كل الإمبراطوريات ، وذلك بالاستيلاء على الحضارة الإنسانية .
- كما تريد أن تخفف من مسؤوليتها تجاه الأقاليم ، التي تعثّر فيضها وجفت منابعها ، فهذه الأقاليم بالتخلف ، أصبحت عبئاً على المحيط الحضاري ، تريد أن تأخذ منه إلى الأبد ، بينما عطاؤها توقف من زمن صراع الحضارات .
- ثم إن الإمبراطورية الجديدة ، تريد أن تؤكد سطوتها الأبدية بإظهار تفوقها ، خصوصا في السلاح .
وهكذا وقعت استعراضات التفرد الأمريكي ، في كل الميادين ابتداءً من استثناء كل أمريكي من أي مساءلة دولية مهما فعل .. إلى تميز التجارة الأمريكية في كل الأسواق ، بصرف النظر عن حرية السوق .. إلى استئثار بحقوق الملكية العلمية والفنية ، في كثير مما كان متاحاً ، في مجمع الحضارة الأكبر ، قبل أن تظهر الدولة الأمريكية من الأصل .. ثم إنها لا تقبل أن تردع نفسها ، عن تلويث البيئة تملصاً من قيود تُفرَض على غيرها ، حرصاً على كوكب الأرض نفسه .. كما أنها تطلب احتكار موارد الطاقة ، وليس مجرد النهم في استهلاكها .
- ثم زاد أن الإمبراطورية الأمريكية ، تريد الآن أن تستولي بوضع اليد ، على الحضارة الإنسانية بأسرها ، لتختم طابعها على المحيط بأسره ، تأكيدا نهائيا ، وتقنينا شرعيا لتفوق أبدي .
وضمن هذه المحاولة ، لجأت الإمبراطورية ، إلى حروب رخيصة تستغل بطش الصدمة والرعب ، في مناطق ضعيفة ورخوة ، بأقل التكاليف ، كي تظهر هول الجحيم ، الذي أعدته لمن يعصي الأوامر والتعليمات ، فتحولت أفغانستان والعراق ، إلى ساحات دماء ونار ولهب .
وإذا عُدت الآن إلى مقولة صراع الحضارات أو حوارها ، فربما تكون النقطة الجوهرية ، أنه يتحتم التفرقة باستمرار ، بين شراكة الحضارة ، وبين صراعات القوة ، فالقوة ميدان تصويب وضرب بالنار ، والحضارة شراكة إنسانية دروبها مليئة بالأنوار .
إن طبائع الحضارة تمنع الاستيلاء عليها لحساب أي طرف ، كما ترفض التنازل عن الحق فيها ، تحت أي وصف ، فالحق لا يأتي ببلاغة الإقناع ، لأن سحر الكلمة لا يغني ، عن كفاءة الفعل .
هنا السؤال يطرح نفسه وبصوت عال ، ماذا تريد الأمبراطرية الكاسحة الجديدة ، من نظرية صراع الحضارات ..؟ .
متى بدأت تفكر بها ..؟ .. ما هي الغايات ..؟ .
لقد خلق انهيار المعسكر الشيوعي ، وزوال الاتحاد السوفييتي الممثل له ، فجوة كبيرة في الأيديولوجية الدفاعية ، لنظام السيطرة الغربية في العالم ، فقد كان العداء للمعسكر الشيوعي وما يمثله ، من القيم السلبية في نظر الغرب ، الوسيلة الرئيسية لدفع الجمهور الغربي الواسع ، إلى تأييد السياسات الأطلسية الهجومية ، والالتحاق بها من دون نقد ولا تساؤل ، وبالتالي تبرير هذه السياسات والنفقات العسكرية ، الباهظة المرتبطة بها ، والنجاح انطلاقا من ذلك ، إلى إقناع الرأي العام الدولي ، بأن السيطرة الغربية على العالم ليست أخلاقية فحسب ، لأنها تحول دون انتصار الشر ، ولكنها حتمية أيضا ولا يمكن التراجع عنها ، من دون تعريض مجتمعات الغرب ونظمها الديمقراطية ، وهويتها الثقافية ، وقيمها وأسلوب حياتها اليومية ، للخطر المحدق والأكيد .
وكان من الطبيعي ، أن يقود انحسار النظام الشيوعي وزواله من الوجود ، إلى تصاعد المواقف النقدية ، إزاء سياسات الهيمنة الغربية تماما ، كما كان من المنتظر لزوال الحرب الباردة ومتطلباتها ، أن يقود إلى تراجع النفقات العسكرية وتنامي فرص التفاهم والتعاون الدوليين ، لتحسين شروط حياة المجتمع الدولي برمته ، ومعالجة أقسى مشكلة يعاني منها النوع البشري ، وأعني بذلك الفقر ، الذي يرزح تحت وطأته أكثر من مليار نسمة من سكان الكرة الأرضية .
بيد أن مثل هذه التوجهات ، لم تكن تتضارب مع ما طبع السياسات الغربية والدولية عموما في القرنين الماضيين ، من حروب ومواجهات ، جعلت من تبني مبدأ الاستعداد للحرب ، وكسب النزاعات المحتملة ، القاعدة المثلى ، ليس لتجنب حدوثها فحسب وإنما مع مصالح واسعة ونافذة ، ارتبطت بعقود طويلة من سيطرة مناخ المواجهة والحرب الباردة ، وفي مقدمتها مصالح شركات السلاح .. الجيش .. مؤسسات الدفاع الإقليمية .. والعديد من القوى السياسية التي تتحالف معها .
وهكذا ما كان من الممكن ترك الاتحاد السوفييتي ينهار ، من دون السعي ، من قبل هؤلاء ، لإيجاد عدو جديد ، يبرر الاستمرار في السياسات الهجومية ذاتها ، التي تضفي المشروعية على السيطرة الغربية على العالم ، وتبرر استمرارها .
وقبل أن تبدأ أي حركة إسلامية باستخدام العنف ، على أي نطاق خارج البلدان الإسلامية ، وجد جهابذة السيطرة الغربية ، في رفع العالم الإسلامي والعربي ، إلى مستوى الخصم التاريخي والحضاري الرئيسي للغرب ، سياسةً وحضارةً واقتصاداً معاً ، المرتكز الوحيد لتمديد مناخ الحرب الباردة ، وتبرير سياسات السيطرة الغربية .
وهكذا شكل تشويه صورة العرب والمسلمين واستفزازهم ، خلال أكثر من ربع قرن ، مادة حرب باردة عالمية حقيقية ، لن يتأخر منظرو السيطرة الغربية عن إعطائها ، اسمها الجديد الخاص: "الحرب الحضارية ، والصدام بين الثقافات" .
ومنذ ذلك الوقت يمكن القول ، إن الحرب أصبحت سجالا بين المسلمين والعرب من جهة ، والنخب الغربية اليمينية ، التي سعت ولا تزال ، إلى جر العالم بأكمله لتأييد موقفها العدواني والعنصري من الجهة الثانية .
في هذا السياق ، استعادت إيديولوجية تبرير السيطرة الدولية والسياسات الأطلسية الهجومية ، اللغة والشعارات ذاتها ، التي كانت تستخدمها ضد الاتحاد السوفييتي ، في حقبة الحرب الباردة السابقة .
فركزت وسائل الإعلام الغربية ، على الأخطار المتعددة ، التي يمثلها العالم العربي والإسلامي ، الذي يخضع في نظرها ، مثله مثل الاتحاد السوفييتي السابق ، لثقافة مناقضة في قيمها للثقافة الغربية الحديثة ومعادية لها ، سواء في ما يتعلق باعتماده العنف في علاقاته مع الخارج ، واستلابه لمنطق القوة ، أو في محاولاته المستمرة لتفجير الأزمات الدولية ، والحروب الإقليمية ، أو في دفاعه عن نظم سياسية لا ديمقراطية ، تسمح للمغامرين من الحكام الديكتاتوريين والطغاة ، من التلاعب بالجماهير، ودفعها إلى العداء المجاني للخارج ولكل ما هو أجنبي ، في سبيل حرف انتباهها عن مشاكلها الداخلية المتجذرة ، التي تتسبب فيها سياسات أنانية ولاعقلانية .
وجاءت الحركات المتطرفة ، التي تستخدم الإرهاب والخطف وقتل الرهائن ، كوسائل للضغط على الدول الغربية ، في أوضاع المواجهة القائمة ، في أكثر من مكان ، لتكرس الاعتقاد الواسع الانتشار اليوم بأن عالم العرب والمسلمين ، لا يفهم إلا لغة القوة والعنف ، وإنه يفتقر إلى ثقافة التعايش والتفاهم والحوار والتفاوض ، التي هي لغة العصر ، ومصدر بناء إجماعات دولية لم يكن المجتمع الدولي في أي حقبة ، أكثر حاجة لها منه اليوم .
هذا هو الأصل في ولادة نظرية صراع الحضارات ، أو الصدام بين الثقافات ، كما يشير عنوان كتاب المفكر الأمريكي صموئيل هنتنجتون ، ولكن تبقى نظرية حوار الحضارات ، هي الرد الشكلي والضعيف الباهت عليها .
إن الرد الحقيقي ، هو في العمل على إخراج العالم العربي والإسلامي ، من الأزمة الحضارية التي يعيشها بالفعل ، السياسية والاقتصادية والتقنية والعلمية ، وتبنّي سياسات تحفّز على القيام بنهضة شاملة وعميقة ، عندئذ نُظهر للعالم بشكل عام ، وللغرب بشكل خاص ، أننا لسنا جداراً منخفضاً ، يشجع الجميع على القفز من فوقه أو عليه .
العلمانية هي جزء من مشروع الحداثة الحضاري ، الذي جَمعنا مع الغرب في القرنين الماضيين ، وبقدر تصاعد وتيرة صراعنا مع الغرب ، بسبب سياساته العدوانية من جهة ، وسوء إدارة سياساتنا الخارجية من جهة ثانية ، زاد ابتعادنا عنه ، وزادت نزعة شعوبنا للانفصال عنه ، والارتداد بالمناسبة نفسها عن القيم الحديثة ، التي تربطنا به في مشروع واحد ، وهو ما يفسر في الوقت نفسه ، عودة الرأي العام العربي والإسلامي بأغلبيته ، إلى القيم والأفكار ، التي تميزنا عن الغرب ، وهي بالضرورة ، تلك التي نستمدها من التراث والتاريخ ، لملء الفراغ الناشئ . .
لكن بعكس ما يعتقد الكثيرون ، ليس هدف هذه العودة ، هو العيش في التراث وتفعيل القيم القديمة ، بقدر ما هي وسيلة لبناء ثقافة جديدة مضادة ، وتبرير موقف معاد للغرب ، يعكس النقمة عليه والانتقام منه ، ومن نظم الحداثة التي لم تفرز هنا سوى ممارسات مناقضة تماما ، لما تعلن عنه ، ولا يوجد أي أمل لدى القوى العلمانية والليبرالية ، في استعادة نشاطها وتأثيرها ، من دون إخراج مشروع الحداثة العربي والإسلامي ، بوجهه المادي و الفكري معاً من المأزق ، الذي يعيش فيه منذ عقدين ، أي الخروج من نظام القمع والمضاربة والتلاعب والفساد المعمم ، وإطلاق روح الحرية والقانون ، والمبادرة والعمل المنتج والإبداع .
الذي حدث بعد أن تشبعت المجتمعات الغربية ، بفكرة صراع الحضارات وحوارها ، بدأ التراجع حتى عن القرارات الدولية المتفق عليها والمتخذة سابقاً .
فقبل سنوات ، وحين كان لهذا الإقليم العربي الإسلامي بعض القدرة ، فإنه تمكن من استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة ، يعتبر الصهيونية نوعا من أنواع العنصرية ، لكنه بعد سنوات ، وعندما حل العجز محل القدرة ، سقط ذلك القرار ، وكان وللأسف بعض العرب والمسلمين ، بين الذين صوتوا لإسقاطه ، ثم صدر بدلا منه قرار يعتبر مناقشة المحرقة اليهودية ، سواء في وقائعها أو في أعداد ضحاياها ، جريمة إنسانية تستوجب العقاب .
لم يكن القرار الأول مجرد ازدواجية معايير لصالح طرف ، ولا كان القرار الثاني مجرد ازدواجية معايير لصالح الطرف الآخر، لكنه في الحالتين ، كان حركة موازين تَرْجَح أو تَخفْ ، وفق ما يسندها من إرادة الفعل ، وقدرة الفعل .
ويستلفت النظر ، أن الثقافات الصينية والهندوكية ، لم تهدر وقتا غاليا في حكاية “صراع الحضارات”، ففي هذه الثقافات الآسيوية كانوا على يقين ، من أنهم شركاء بثقافاتهم في المحيط الواسع . وبهذا اليقين ، أدركوا أن وسيلتهم الرئيسية لتحقيق أهليتهم في حق الشراكة ، أن يبنوا من وسائل القدرة على الفعل ، ما يمنع مهانة الظلم ، أو استعلاء الاحتكار .
ومن المدهش ، أن ثقافات الصين والهند ، والتي كانت الأبعد بالمسافات ، عن البحار المركزية الأولى ، للتدفق الثقافي إلى المنبع وإلى البحر وإلى المحيط ، أظهرت تمسكا وثيقا بحقها ، بينما تخبطت ووهنت ثقافات العالم العربي الإسلامي ، وهي الأقرب والأكثر إسهاما في الكل الحضاري المشترك ، فهي التي أعطته الأديان السماوية كلها ، وبالذات المسيحية ، التي نسمع منهم الآن أنها الدعوى الحضارية الأولى ، لمراكز الغلبة في الوقت الراهن .
ومن سوء الحظ أن الثقافة العربية الإسلامية المعاصرة ، بتأثير ما ترسب فيها من شوائب وعوالق ، وما أصابها من ضعف ووهن وما لحق أصحابها من عقد ، بسبب طول مقاساة غلبة الفاتحين وسيطرة المستبدين ، كانت مهيأة على نحو ما لمحاولة الإقصاء والاستبعاد من شراكة الحضارة .
حين قلنا بصراع الحضارات ، فقد اعترفنا بالعزلة ، وحين دعينا أو دعونا للحوار ، فقد ذهبنا لما يشبه طلب إذن باللجوء ، من متظلم إلى متحكم ، ولم ندرك أن الحقوق ملكية أصحابها ، إذا استطاعوا إثبات جدارتهم بها ، وليس تواضع الآخرين للسماح لهم ببعضها ، ثم إن كل حوار على الحوار بينهم وبين غيرهم لا نهاية له ، خصوصا إذا وقع ، وانزلقت العلاقات بين الأطراف ، إلى صراعات سياسية تتحول بسرعة إلى حروب هويات دينية وعرقية ، فعند هذه الدرجة أي كلام يكون بين غرباء ، أو بين أعداء ، عداوة لا تحتمل غير انتصار طرف وهزيمة آخر ، وهنا يموت الحوار أو ينتحر ، مهما قلنا ، ومهما قالوا .
وما يلفت النظر مرة أخرى ، أن الحوض الحضاري لثقافات الشرق العربي ، لم يستطع أن ينشر مذاقا مميزا له خارج إقليمه ، كما أننا حين قبلنا فكرة صراع الحضارات ، أو حتى حوار الحضارات بالمنطق الذي قُدم لنا ، فإننا سلّمنا بالقسمة ، أي أننا تنازلنا عن الشراكة من أول لحظة ، ودخلنا للأسف في حوزة الآخرين ، وعلى جدول أعمالهم .
ربما كان الأولى أن نبدأ حواراً مع النفس ، نعرف فيه بالضبط :
من نحن..؟ .. وأين نحن..؟ .. وماذا نريد ..؟
وكان مثل ذلك الحوار مع النفس ، كفيلا بتأكيد عدة مسائل :
أولها : الوعي بالحق في شراكة الحضارة ، دون إقصاء أو استبعاد
وثانيها : الجدارة بهذا الحق ، عن طريق دعمه بقيم العصر وأولها روح الحرية والعلم والقانون ، دون العودة إلى الماضي والبحث في كهوف التراث المهجورة ، عن سبب للتقوقع بعيداً عن قيم العصر بدعوى الخصوصية ، وهو نوع من الهرب مقصود ، إذ ليس هناك تصادم بين التنوع المحلي للثقافات ، وبين المشترك في الحضارة الإنسانية ، بل هناك تفاعل وتدفق مساير بالطبيعة لحركة التاريخ .
وثالثها : أننا في حاجة إلى فهم ودرس واستيعاب ، وحوار متواصل مع الدنيا كلها ، ولكن في قضايا ومعضلات الرقي والتقدم .
رابعها : تجنب أفخاخ الاستدراج والاستنزاف ، بسبب ما يفعله آخرون من أصحاب الغرض ، في الإقصاء والاستبعاد ، هؤلاء الذين تنبهوا بسرعة ، إلى ما لحق بالعقلية العربية الإسلامية ، جراء عصور القهر والظلام ، فإذا هم يحاولون تثبيت الانكسار وتعميقه في العقل وفي الإرادة ، لدى العرب والمسلمين ، والسبيل إلى ذلك استثارتهم بين الحين والآخر، بما يدفعهم أكثر وأكثر إلى العزلة .
لقد اكتشفوا ، أنه يكفيهم أن يلمسوا الثقافة العربية الإسلامية في عزيز عليها ، فإذا هي تستثار وتغضب ، ثم تتراجع وتتباعد بحيث تعزل نفسها ، وتتنازل أكثر وأكثر ، عن نصيبها في شراكة الحضارة الإنسانية .
والمحزن أن هناك من اعتدى ، على المقدسات العربية بخشونة وليس لمساً ، حين سيطروا على المسجد الأقصى في القدس ، وفي نفس الاتجاه ، فإن ذات الطرف ، رسم خنزيرا وكتب عليه اسم الرسول الكريم ، وهناك غيره من قام بتوظيف الدين الإسلامي قديمه وجديدة ، في حرب باردة عليه هو ، ساخنة على شباب عربي ومسلم في أفغانستان ، ثم أمسك في النهاية بمن حاربوا لحسابه ، ووضعهم وراء القضبان في جوانتانامو ، ثم داس بالأقدام على كتابهم الكريم ، ومزق صفحاته ورماها في المرحاض ، أمام عيون الجميع في المعسكرات وخارجها .
وفي هذا كله ، لم يغضب أحد ، بل تستر كثيرون .. ولكننا مع ذلك رحنا نحن الذين لم نغضب من الفعل الخشن ، نثور باللمس ، كأننا كنا نبحث عن أهداف سهلة رخيصة ، كما حدث ذلك سابقا في تجربة قريبة ، مع كاتب رواية آيات شيطانية .
وتكرر على نطاق أوسع في تجربة أخيرة ، كما حدث في الرسوم الدانمركية ، ونتيجة الثورة والغضب ، تكرر نشر الرسوم في عدد من عواصم الدنيا ، وكذلك سمع الناس عن رساميها وناشريها لأول مرة في حياتهم .
كأن كاتبا حتى لو كان اسمه “سلمان رشدي” ، يستطيع أن يعتدي على الإسلام ، أو كأن رسام خطوط ، لا يكاد الناس يعرفون اسمه في صحيفة مجهولة ، يستطيع إهانة الرسول الأعز والأكرم ، أو كأن وزيراً إيطالياً شديد الحمق ، يستطيع أن يشتم الإسلام ، لأنه ارتدى قميصاً عليه رسوم بالغة الانحطاط عديمة القيمة .
لكنهم اكتشفوا وجربوا ، كيف يحركون من ردود الفعل ، ما يستثيره الضعف ، ولا تأبه به القوة .
وفي المحصلة ، فإننا نجد أنفسنا بالواقع ، وبسهولة شديدة ومحزنة في نفس الوقت ، نساعد على تحويل صراعات سياسية إلى حروب هويات حضارية ، تخرج غاضبة منسحبة ، من شراكة التقدم الإنساني الجامع والشامل ، مع أي استفزاز يتحول بالإثارة إلى فتنة ويتحول بالفتنة إلى حرب ، ويتحول بالحرب إلى قطيعة ، ويتحول بالقطيعة إلى حصار للذات .
ومن سوء الحظ أن حكومات عربية إسلامية ، بوعي أو بغير وعي ، تصرفت حيال الفتنة ، بقدر كبير من قصر النظر في إدارة الأزمات ، إن لم يكن بقدر كبير من سوء النية ، بمحاولة استغلال الفتنة للإلهاء والتغييب .
وقد أضيف لاستكمال الرؤية والرأي ، أن رغبة الاستغلال لم تقتصر على الحكومات ، وإنما تعدتها إلى مؤسسات وأفراد ، بادعاء أن الترياق الشافي من الفتن ، يتحقق بالوفود تذهب ، وبالوفود تجيء وبالمؤتمرات تعقد ، وبالمؤتمرات تنفض ، وبالأوراق تُقرأ ، ثم بالأوراق تُنسى ، لكي يجري تدويرها وتعود إلى إنتاج نفسها من جديد .
تلك كلها باختصار ، وساوس تجمح بأصحابها ، إلى حيث لا يريدون ولا يقصدون ، فإذا هي عودة من شواطئ المحيط الإنساني الواسع وحيويته الخلاقة ، إلى دروب وعرة موحلة ، تؤدي بنا إلى التقوقع في البحر الميت ، وإلى عزلتنا عن المشاركة ، في صنع الحضارة الإنسانية .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صراع الحضارات .. وحوارها ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر بسام بحري :: مقالات وبحوث :: مقالات وبحوث-
انتقل الى: