كأي محارب,
ألقيت سيفي
كأيّ مسافر,
ودّعتها بيروت.
ودّعتها...
وتركت في عبّها حصاتي
فما عساي أفعل
وما عساي أقول؟!...
ما بين غيمتها,
والسّراب المرّّ
علّقت دمعي,
ما بين غرّتها
وحدود السّيف,
أنثى لا تموت.
أتقبل انتمائي إليها الفلاة
وقد تباعد في المشيب ظلّها ؟
تمدد أيّها النسغ في كياني
لم تزل ساكنة
كالماء في قلبي,
لم أزل أحبّها بيروت.
من بعيد:
أسمع نداء أحفادي
وقد كبروا
صارت خطاي
على الحجاز تدلّني
أحفظ عن ظهر غيب نجمها,
فما عساي أفعل
وقد حان الوصول ؟
أنثى من ديار الله جاءت
على كفّها اليمنى سراج
وعلى الصدر,
فاكهة الكلام.
أنت سلطان الحكاية
سيّدي..
فاملأ من التراب يديك
أمامك النخيل باكٍ
ومرايا الشعر تموت.
ثلاثة كنّا
يزمّلنا الهدوء
وتاريخ أبي ذرٍّ
وأسرار الصحارى
أتبدأ يا أبا ذرٍّ ؟
وتقري الضيف ( تمراً )
أهديك سيفي, وناقتي,
ليس عندي سوى باقة ورد
فخذها. و لا تنم بين المقابر
أنا مثلك
أربط على الأوتاد بيتي
أسير خلفك,
تسير الجسور ورائي
لا خوف من وصاياك
وهذا الليل بارد,
فانزع وسادة اليأس
والق عليه الدفء
تمدّ إليك أذرعها الصحارى
وتذرو على الرّمل
قمحك البلديّ (ميّ) و (هند)
أبرأ إليك من غلطة الأسلاف
فاحتضنّي...
هنا بيت قديم
يؤاخي فرحي
وعلى أجفان القطا
يرتبك الكحل.
أبرأ إليك
من وحشة المسالك
وأسوق إلى الدّنيا خبري
لست أدري...
و أنا أصارع خطوي
أي الديار صارت سراباً ؟
وأي الجهات
غاصت في الذهول؟
بكى أبو ذرٍّ
وألقى على الرمل عصاه
هو مارد حين يبكي,
وهو عاشق،
حين على أطلالهم
يشدّ أوتاد الجسد.